بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أهله الإدام، فقالوا: ما عندنا إلا الخل. فدعا به، فجعل يأكل به ويقول: (نعم الإدام الخل، نعم الإدام الخل). وفي رواية: قال جابر: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يوم إلى منزله فأخرج إليه فلقاً من خبز فقال: ما من أدم؟ فقالوا: لا، إلا شيء من خل، قال: (فإن الخل نعم الإدم) قال جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله .
وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم الأدم، أو، الإدام الخل. رواه مسلم.
وعن أم سعيد رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلمقال: (اللهم بارك في الخل فإنه كان إدام الأنبياء قبلي ولم يفتقر بيت فيه خل) رواه ابن ماجة.
قال النووي: (وأما معنى الحديث فقال الخطابي والقاضي عياض، معناه الاقتصار في المأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة، والصواب الذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه.
والخل غذاء ودواء قديم قال عنه ابن القيم: (والخل ينفع من المعدة الملتهبة ويقمع الصفراء ويدفع ضرر الأدوية القتالة ويحلل اللبن والدم وينفع الطحال ويدبغ المعدة ويعقل البطن ويقطع العطش ويعين الهضم ويلطف الأغذية الغليظة ويرق الدم.. وإذا تمضمض به مسخناً نفع من وجع الأسنان وقوى اللثة).
أما الرازي فيقول عنه: الخل يلطف الأخلاط الغليظة وييبس البطن ويقطع العطش وهو بارد يطفئ حرق النار أسرع من كل شيء، وهو مولد للرياح منهض لشهوة الطعام معين على الهضم ومضاد للبلغم.
والخل Vinegarسائل مائع ذو طعم نافذ ينتج عن تحويل الغول إلى حامض الخل بتأثير خميرة (ميكوديرما أسييتي)، ويمكن أن يصنع من عصير العنب والبرتقال والشمندر والبطيخ وقصب السكر والتفاح والتوت والعسل كما تمكن العلماء من صنعه كيميائياً.
ويتركب الخل من الماء وحامض الخل (5%) ومن مواد صلبة وطيارة وعضوية، ومواد أخرى تعطيه الطعم والرائحة والخل يظهر نكهة بعض الأغذية ويجعلها اشد قبولاً ومذاقاً ويساعد على هضمها لذا فهو يضاف إلى كثير من الأطعمة كاللحم والسلطات حيث يثير الشهية ويفتح القابلية إلا أن الإفراط في تناوله يهيج المعدة ويسبب فيها آلاماً وعسر هضم ومغض وقد يؤدي إلى قرح أحياناً.
وقد وصف الخل في الطب الحديث بأنه مرطب ومنعش، ومدر للبول والعرق ومنبه للمعدة وحلل لألياف اللحم والخضراوات الخشنة. كما أنه يعطي كترياق للتسمم بالقلويات. ويطبق ظاهراً كعلاج للثعلبة والقرعة. وقد رأيت فائدته الكبرى في معالجة قمل الرأس وتلاف الصئبان ويطلى به الرأس علاجاً للصلع وقد يضاف إليه النشاء ويطلى الجلد كدواء للحكة. ويغسل به القروح والجروح الجلدية، ويدلك به جلد الصدر والبطن بعد تمديده كمنشط عام، ويمسح به جبين المريض المصاب بالحمى تخفيفاً للصداع. وقد ينشق عن طريق الأنف لإنعاش المريض المصاب بالغشي، ويغرغر به الفم والبلعوم لشد اللثة وقطع نزيفها وتطهير الفم.
وقد أثنى جارفيس على خل التفاح فقال أنه إذا شرب مع الماء كان أحسن علاج للبرد وكان ينصح زبائنه أنة يتناولوا صباح كل يوم على الريق، كأساً من الماء مع ملعقة صغيرة من الخل وأخرى من العسل، وذلك لتطهير جهازهم الهضمي من كل سوء ويحصلوا على عناصر مفيدة ومغذية ومطهرة. وشاهد بنفسه أن أطفال الفلاحين الذين يشربون الماء مع الخل كانت أجسامهم قوية وصحتهم جيدة.
يقول جارفيس: والأطباء متفقون على أنة تناول مقدار قليل من الخل مفيد والإكثار منه مضر ويستثنى من ذلك خل التفاح ويستعمل طبياًَ لتحضير الخل العطر النافع من الصداع والدوار والمناعة من الأوبئة وله أهمية في جعل خلايا الجسم بحالة جيدة وفي تعزيز مقاومة الجسم للكثير من الأسواء التي تهدده لأن تركيبه غني بالعناصر التي يحتاج إليها الجسم لتأميتن التوازن بين خلاياه وفي طليعتها الفسفور والحديد والكلور والصوديوم والكالسيوم والمنغنيز والسيليكوم والفلور.
ومن وصفات الطب الشعبي الهامة:
ـ الخناق (70غ خل + كأس ماء: غرغرة ويشرب الباقي ببطء).
ـ الحروق (يدهن مكان الحرق بسرعة لتجنب حدوث فقاعات ، وذلك بخل التفاح وكذا في حروق الشمس).
ـ نخر الأسنان: يفيد الخل مضمضة بعد مزجه مع منقوع زهر الخطمية.
ـ لتقوية اللثة: مضمضة (35غ خل +35 غ ملح، ماء 100غ)
ـ ولسوء الهضم (كأس ماء فاتر فيه ملعقة صغيرة من خل التفاح).
ـ للأرق: (نصف ملعقة خل تفاح، 2 ملعقة صغيرة عسل مع 100 غ ماء) يشرب بعد ساعة ونصف من العشاء.
ـ ومن أجل التنحيف يؤخذ مقدار ملعقتين من خل التفاح مع كوب من الماء، وتشرب بعد الطعام 3 مرات يومياً ولمدة شهرين.
ـ وللثعلبة يطلى المحل 6 مرات يومياً بالخل أو يفرك مرتين بروح الخل.